ــ الهوية العراقية وثنائية دجلة والفرات

سليم مطر/جنيف

نيسان 2009

ثمة تتميز بتحديدها في هوية العراق، وتقع أساساً في الضرورة وتفاصيل حياته بكل ما لها من سكان سكانية ثقافية ثقافية، الا وهي(ثنائية)!
هل يوجد بالضرورة ملابس داخلية وجغرافية حتت هذه الثنائية البرازيلية. اول هذه الظروف واكبرها مجالات بثنائية(دجلة والفرات). لو قارنا العراق مع مصر، فان تمركز مصر حول (النيل) بلاصها متوحدة ومنطوية على سكانيا وحضاريا. أما العراق، فان الأصليين النهرين الخالدين بلاه ثنائيا ومنقسما على سكانيا وحضاريا. وهذا الانقسام الثنائي، تناقضي وتكاملي بنفسي الوقت، او حسب الظروف. فان التناقض يستفحل في العديد من الضعفات والانحطاط، لكنه تكامل في تحقيق الازدهار والازدهار.
ان هذه الثنائية النهرينية الداخلية، قد تميزت بموقع جغرافي فريد للعراق، بين عالمين مختلفين شائعين:
ـ عالم شرق نهر دجلة: الآسيوية ـ الآري ـ التركستاني ـ الهندي ـ القفقاسي، حيث جبال زاغاروس والهضبة الايرانية المتقدمة عبر هداب افغانستان وآسيا الوسطى حتى الهند. وأيضا عبر سواحل الخليج حيث العلاقات البحرية مع العالم الهندي. وكذلك عبر اعالي دجلة حيث الاناضول وجبال الققاس.
ـ عالم غرب نهر الفرت: العربي ـ السامي ـ البحر متوسطي، حيث بادية الشام غنية ببوادي الجزيرة العربية، وكذلك أعالي الفرات المتطرفة غربا داخل الشام وسواحل البحر المتوسط.
وهذا يذهب إلى الجغرافيا في المحيط الهادئ، وله امتداده في داخل العراق، فانه منقسم أيضا الى شمال وشرق جبلي وشبه جبلي، ثم جنوب وغرب سهلي وشبه صحراوي.

وجود
هذه الثنائية الثنائية (السامية ـ آسيوية) بشكل ملحوظ في الاقليم والثقافي للعراقيين. أخذ العرب والسوريان(ساميون)، وهنالك الاكراد والتركمان(آسيانون). ثم هناك العقيدة الثنائية ـ المذهبية، بين الشيعة والسنة.
ويمكن مثلا اعتبارها ثقافية حضارية، حيث جمع العراقيون على مدى التاريخ، وبقرية بين الروحين النمساوية والسامية. ما عليك إلا أن تختار الى العراقي، فانه يجمع بين الصوتين الآسيويين والسامي. حتى الطبخ العراقي فانه يجمع بين هاتين الثقافتين. حتى اشكال العراقيين فانها تجمع هذه الخواص المختلفة. على هذا المنوال، نشهد كل ما يعانيه من تدهور الأوضاع الاجتماعية والبشرية والحضارية في الماضي والحاضر.
ولكن في التاريخ الحضاري فإن هذه الثنائية الحضارية تكاد ان تكون ملحوظة حتى في العراق القديم، بين الآشوريين في الشمال، والبابليين في الوسط والجنوب. على الرغم من وجود الثقافة واللغة لاستخدام والديانة، الا ان الآشوريين كانوا يقدسون أيضا ألههم الخاص(آشور ـ الثور) رمز القوة والفحولة، بما في ذلك يخالفوليين الذين تم اشتراكهم اكثر الى (تموز) رمز التضحية والداء من اجل الخصوبة بالكامل.
وبعد ان اعتنق المسيحية العراقية، انقسوا ايضا بين (نساطرة) في الوسط والجنوب و(يعاقبة) في الشمال وبعض الوسط.
على هذا الاساس التنوعي في الجغرافية والموضع الداخلي، فان البيئة (الاقوامة ـ الثقافية) العراقية قد انقسمت الى نوعين مختلفين اكثر وضوحا، تجمع ما بين(الموضع والموقع)، الا وهي ثنائية(دجلة والفرات). بأخذ بعين الاعتبار ان هذا البيئي البيئي الجزئي وكذلك أيضًا الأقسام الثقافية ـ لغوي.

منطقة دجلة
وتشمل على كل المحافظات التي تقع مباشرة على دجلة( نينوى وصلاح الدين وبغداد واسط وميسان)، وكذلك المحافظات التي تقع شرق دجلة(دهوك حرببيل واليمانية وكركوك أوديالي)
ويمكن هذه البيئة الجغرافية وطبيعيا وسكانيا بالخصوصيات التالية:
ـ من الناحية الجغرافية خارجية فانها منفتحة على أكبر الهضاب في المنطقة: من الشرق حيث الهضبة المتنوعة حتى هضاب افغانستان وآسيا الوسطى. أما من الشمال فان دجلة يصب من جبال(طوروس) ولها بجبال القفقاس.
ـ من الطبيعة الداخلية فانها متنوعة المناجم، حيث تكثر الجبال والمرتفعات في شمالها وشرقها خاصة في المناطق المحاذية لايران(جبال زاغاروس) وتركيا(جبال نورس). وتحاذي الجبال بمسافات واسعة على امتداد دجلة حتى مصبه في شط العرب. وتكاثر الاهوار الكبرى والنهار(مثل الكارون) في الجنوب.
ـ ولكن من الناحية السكانية، فان الخصوصية الحصرية، هي تجمع السكان الكبير جدا من النواحي اللغوية والدينية والذهبية. بل يمكن القول ان جميع الفئات العراقية المختلفة لغويا ودينيا تعيش على او شرق دجلة: ( عرب، اكراد، تركمان، سريان ” كلدان وآثوريين”، يزيدية، شبك، فيلية، ارمن.. الخ)..
بينما الفرات حضرت جميع سكانه، بما فيه القسم السوري، هم(عرب مسلمين)!
ان موقع نهر دجلة المحاذي لاكبر سلاسل الجبال في الشرق الاوسط، بالإضافة إلى موقعه المنفتح على أكبر هضاب آسيا، بلوسه مكانا دائما لاستقبال الإرسال الاقوامة التالية:
ـ محطة الاتصال، وهي وجهة تتعهد بوضوح الاقرب الواضحة تأتي من جبال زاغاروس المحاذية.
ـ للوجهة القادمة القادمة من الهضبة الجوية.
ـ الإرسالية التركستانية القادمة من هداب آسيا الوسطى.
ـ الإرسال القفقاسية والانازولية القادمة من جبال طوروس والقفصقاس.
كل هذه البيئة هي مجلة متنوعة بشكل كبير من الناحية الاقوامية واللغوية، وخاصة في المنطقة الواقعة شمال شرق دجلة(وك واربيل وكركوك والسليمانية أوديالى) المحاذية مباشرة ده للجبال والهضاب المذكورة. وهي متنوعة لغويا حيث تسود لغات التواصل(السورانية والبهديانية والخانكينية) بالإضافة إلى التركمانية والسريانية بالإضافة إلى العربية.
أما مناطق ضفاف دجلة ( نينوى وتكريت وسامراء وبغداد والكوت والعمارة) فان مواقعها البعيدة مرتبطة عن الحدود الجبلية وموضعها السهلي، وتملكها اكثر قدرة على الامتزاج السكاني والثقافي وسيطرة لغة واحدة جيدة للتاريخ: الاكدية، ثم الارامية ثم العربية. لكن هذه المناطق الاقوامي اللغوية، لا ينفي حقيقة ان الاصول السكانية لهؤلاء السكان، بما في ذلك سكان الأهوار، تأثرت كثيرا بالعناصر والقفقاسية والكردية والآرية والتركستانية..
ان اهمية ثقافية ـ لغة لهذه البيئة هي(التنوع) حتى داخل المجموعة الثقافية والمدينة للوصول. فلو أخذنا الاكراد مثلا، فهنالك اللغات السورية والبهدنانية والخانكينية. لو اخذنا( مدينة اربيل) فانها كانت تاريخيا بغالبية(سريانية) ثم في القرون المتأخرة منذ مركزا وجدت تركماني كثيف، ثم اخيرا منذ قليل أجيال وقبل بغالبية كردية.
ان محافظة (كركوك) تعتبر أيضًا أفضل نموذج للتنوع الكبير في (بيئة شمال شرق دجلة)، حيث التعايش التركماني ـ الكردي ـ العربي ـ السرياني ـ الارمني. كذلك العاصمة(بغداد) فإن تنوعها لا يعود الشامل فقط إلزامية عاصمة الوطن، بل أيضا المقررة على دجلة.
من الناحية التاريخية الحضارية فان (نينوى) مركز يعتبرا حضاريا عراقيا الوطنية(دجلوية)، حيث شكلت مركزا جامعا لكل التنوعات الاقوامية لثقافة لبيئة شمال دجلة، مع مؤتمر الثقافة الدائمة(الاكدية بلهجتها الآشورية). خلال آلاف الاعوام (نينوى) الآشورية، في حالة تنافس سياسي وتكامل حضاري مع (بابل) التي مثلت الحضارة العراقية الخاصة بها(الفراتية).
ليست صدفة ان شمال العراق جمعه، باقية في ظل الدولة العثمانية، تابعا اداريا وثقافيا واقتصاديا الى الموصل. ان مركزية ثابتة للعمل الى شمال دجلة حيث اهميتها الاقتصادية والتجارية فقطعها والمؤثرة على اصقاع شرق دجلة المتنوعة والمختلطة لاقوام عربية خلفيات وشبكة حصرية وكالدانية وسريانية وكردية بهدينانية تركتمانية، وما يتفرع من كل هذه الاصول من ثقافات تجد الوانها شاخصة في المشترك التي تعتبر متحفا لثقافات لا حصر لها إبداع.

بيئة الفرات
وتحتوي على حيازات تقع على نهر الفرات او قربه: ( الانبار، كربلاء، النجف، بابل، القادسية، المثنى، ذي قار). وهي بيئة مختلفة تمامًا عن بيئة دجلة، من حيث طبيعة الموقع والموضع، وبالتالي من حيث لا يوجد السكان واللغوي.
من ناحية أخرى، فان بيئة الفرات شبه صحراوية سهلة منفتحة. وهي من بين الجوانب، فانها تهرب من الجنوب الغربي ببادية الشام المتدة جنوبا إلى بوادي الجزيرة العربية، ولكن من الشمال الغربي فانها تتسبب في نوحي سوريا حتى ضفاف البحر المتوسط.
فان هذا بيئة الفرات تنظم دائما من الناحية الاقوامية الثقافية، بيئة(سامية بحر متوسطية)، تسودها دائما وحدة تأثير لغوية سامية(اكدية ثم آرامية ثم عربية)، مع واضح بالقبائل الراعية وكذلك ثقافة الشام والبحرين والجزيرة العربية.
من الناحية التاريخية الحضارية فان (بابل) مركز يعتبريا حضاريا عراقية وطنية(فراتية)، حيث شكلت مركزا جامعا لكل التنوعات الاقوامية لمجتمع الفرات، حيث سادت الثقافة الدائمة(الاكدية بلهجتها بابلية). خلال آلاف الاعوام (بابل)، في حالة تنافس سياسي وتكامل حضاري مع (نينوى) التي مثلت الحضارة العراقية الخاصة بها(الدجلوية).

الثقافة(النهرانية) جامعة
ان الثقافة العراقية منذ فجر التاريخ وحتى الآن، هي ملتقى هاتين البيئتين المختلفتين المتكاملتين، اقواميا ولغويا. ان هذه(الثنائية) هي نوع من (القدرة) التاريخية التاريخية التي شهدت العراق منذ الازل:
ـ بيئة دجلة الجبلية الآسيوية
ـ بيئة الفرات السهلية وشبه النفطية والبحر المتوسط
​​هناك ثلاث مدن تجمع بين هاتين البيئتين المتناقضتين المتكاملتين: نينوى وبغداد والبصرة.
تعتبر ان (بغداد) أفضل مثال على هذه الثقافة النهرانية جامعة لبيئتي دجلة والفرات. بالرغم من ان بغداد تقع على نهر دجلة، الا انها تتميز بحيتين:
ـ تقع في اقرب نقطة وهذه النقطة فيها النهران، ما لها حاليا ملتقى له الذين البيئتن.
ـ تقع في وسط بلاد النهرين، بين الشمال والجنوب.
ان العبقرية العراقية(العباسية) تم اختيارها (بغداد) في هذا الموقع الجامع الوسطي بين الشمال والجنوب، ودجلة والفرات، من اجل تجنب الخطأ الكبير الذي وقع فيه اسلافهم، عندما ظلوا مشتين بين مركزين متنافسين(نينوى) و(بابل).
ان بغداد منذ فرضها وحتى الآن، بعض الكلمات بشكل مكثف عن تفعيل الاقوامي والثقافي لبيئة دجلة، حيث يتم زج فيها العربي مع الكردي مع التركماني مع السرياني مع الارمني مع الصابئي، وكذلك ملتقى جميع الاديان والمذاهب العراقية.
بالرغم من ان ثقافات عالم ما بين النهرين دجلة وفرات متنوعة وشاملة بالبتين، الا انها قررت عموما (سامية ـ عربية) لكنا ارض سهلة(تسهل) طريق التمازج وتفرض على التصميم متنا فشل قولتها الثقافية وتمتزج بالثقافة السهلة (السامية ـ العربية).
أما (البصرة) فانها لها خصوصيتها العراقية الشمولية، من الواحي السكانية الشعبية. فهي جامعة للنهرين في نهر عراقي عظيم ثالث هو شط العرب. ثم ان البصرة، من دون مدن مشرقة، تجمع في مواقعها بين مختلف المؤثرات الجغرافية: بيئة البادية بين الغرب حيث الشام والجنوب حيث الجزيرة العربية. اما من الشرق فبيئة ايران وجبال زاغاروس الاحواز. المطالبة الى هذه المحافظة الخاصة الجديدة بالبصرة، وهو الخليج العربي في حتى الحرب الايرانية. ومن هذا الخليج ارتبطت بالسوحل العربية والسواحل الايرانية، بل حتى مع السواحل الغربية. كل التنوع البيئي البيئي، حماية البصرة مركزا حضاريا وسكانيا كبيرة ومتميزة له خصوصيته الجامعة الشمولية التي تجتمع فيها الظلم ـ العربية، والايرانية المتنوعة والافريقية.

لماذ بقي العراق دائما ساميا عربيا؟
منذ فجر التاريخ وحتى الآن، رغم كل الفترات التي تشهدها الدول والجماعات الآسوية(الايرانية ـ التركستانية ـ القفقاسية) على العراق، باستثناء الحضور بالفعل للجماعات الآسيوية في ثنايا الشعب العراقي، الا انه ظل دائما(ساميا ـ عربيا) من النواحي الحضارية واللغوية. يجب أن تصل، انا مع القائلين للاتصال (اللغة السومرية) لا تمثل شعبا، بل هي لغة اصطنعها الكهنة الاكديون(راجع تفاصيل هذه الفرضية في ملف اللغات العراقية القديمة).
هذه الحيازة التاريخية لا تعود، كما يظن للوهلة الاولى، الى كثرةتهم العددية، بل الى السبب التالي المختلف منذ فترة ما:
ـ ان المبدع النمساوي لم تكن متجددة وموحدة حضاريا ولغويا، المبدعون هم المبدعون.
نعم ان اختيار واختيار اختيارات مختلفة الاصول والثقافات، آريون، اكراد، اتراك، قفقاس( ارمن وشركس وغيرهم). بينما تم إنشاؤها، على كامل حقوقها خلال كل حقبة طويلة من الزمن، ثقافية ثقافية: الاكدية، ثم الآرامية، ثم العربية. بالاضافة الى ان هذه اللغات مكملة لبعضها البعض.



العودة لأعلى